Sorrow Bird
عدد المساهمات : 30 تاريخ التسجيل : 07/05/2011 الموقع : http://www.youth2day.iowoi.org/
| موضوع: الثبات على الحق السبت مايو 07, 2011 7:59 am | |
| إن أهل الحق في كل زمان ومكان هم أعظم الناس صبراًَ على أقوالهمومعتقداتهم،وإن أصابهم في سبيل ذلك ما أصابهم، وهذا هو الثبات على الحق، ولقد كانالثبات على الحق سيما أهل الحق منذ بزوغ فجر الدعوة الإسلامية المباركة حين جهرالنبي بدعوته فاستجاب له نفر قليل، فابتلوا وعذبوا وساومهم الأعداء ليرتدوا عنددينهم فما زادهم ذلك إلا ثباتاً واستمساكاً بالحق الذي هداهم الله إليه. وهذا الذي ذكرنا من ثباتهم على الحق وشدة تمسكهم به شهد به الأعداء قبلالأصدقاء،ألم تر إلى أبي سفيان رضي الله عنه حين سأله هرقل ـ ملك الروم ـ عن أصحابالنبي صلى الله عليه وسلم:هل يرتد أحد منهم عن دينه سخطة له بعد أن يدخل فيه؟!فقالـ وكان وقتها مشركاً ـ :لا، قال هرقل:وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب. قال الإمام ابن تيمية رحمه الله:أما أهل السنة والحديث فما يعلم أحدٌ من علمائهمولا صالح عامتهم رجع قط عن قوله واعتقاده، بل هم أعظم الناس صبراً على ذلك، وإنامتحنوا بأنواع المحن، وفتنوا بأنواع الفتن. وهذا حال الأنبياء وأتباعهم من المتقدمين كأهل الأخدود ونحوهم، وكسلف هذه الأمةوالصحابة والتابعين وغيرهم من الأئمة، حتى كان مالك رحمه الله يقول:لا تغبطوا أحداًلم يصبه في هذا الأمر بلاء. يقول:وإن الله لا بد أن يبتلي المؤمن، فإن صبر رفع درجته كما قالتعالى:{الم*أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لايُفْتَنُونَ*وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُالَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}.... (سورةالعنكبوت :1-3). وقال تعالى:{}... ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24) سورة السجدة :24). وقال تعالى:{ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) سورة العصر). ولا شك أن الفتن التي يتعرض لها المؤمنون في هذه الأزمنة المتأخرة كثيرة متنوعة،فهناك فتن الشبهات والشهوات، وفتنة المال والجاه، وفتنة الشهرة، وهناك فتنة غلبةالظلمة والطواغيت وما يمارسونه مع المؤمنين من سجن واعتقال وتعذيب وتكذيب وغير ذلكمن الفتن الكثيرة، نسأل الله العافية. ولأن القلوب تتقلب، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل ربه الثبات على الحق يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، وقد ذكرالعلماء عوامل وأسباباً للثباتعلى الحق، نذكر منها على سبيل الإشارة ما يلي: 1ـاللجوء إلى الله وإعلان الافتقار إليه ودعاؤه :فليس بالعبدغناء عن ربه طرفة عين، فإن لم يثبته ربه ضل وهلك وقد قال الله عز وجل لنبيه صلىالله عليه وسلم (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً)، ولأجل هذا كانرسول الله صلى الله وسلم يدعو ربه أن يثبت قلبه على دينه، وكثيراً ما كان يقسم فيقول لا ومقلوب القلوب) إن استشعارالعبد فقره وحاجته إلى ربه ومولاه يجعله دائم الارتباط به، دائمالإقبال عليه، فيتولاه ربه ويصرف عنه السوء والفحشاء والفتن.
2ـتدبر القرآن ومدارستهوالعمل به: قال الله تعالى:{وقال وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) }... (سورة الفرقان:32)، وقال:{ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ (102) }... (سورةالنحل:102). وإن القرآن يشتمل على الترغيب والترهيب، والوعد والوعيد كما قال تعالى:{ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) }.... (سورة الحجر:49- وغيرها من الآيات، كما أن مدارسته وسماعه تزيد الإيمان، كما قال تعالى:{وَإِذَا مَاأُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناًفَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}.... (سورة التوبة:124)
وقال تعالى عن المؤمنين:{وإذا تليت عليهم آيته زادتهمإيماناً}،والقرآن شفاء لأمراض الشبهات والشهوات كما قال تعالى:{وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين}، وقال:{قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء}، فإذا سلم القلب منأمراض الشبهات والشهوات كان أقوى على مواجهة الفتن، وأكثر ثباتاً على الحق. كما أنه يشتمل على قصص السابقين التي تبشر المؤمنين بالنصر والتمكين وتبين عاقبةالظالمين والمجرمين:{ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ۚ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ (120) }... (سورةهود:120)، فلهذه الأسباب وغيرها كانت مدارسة القرآن من أعظم أسباب الثبات.
3ـ العمل بطاعة اللهوالكف عن معاصيه: فالطاعات أغذية للقلوب، كما أن المعاصي سموم تصيب القلب في مقتل، قال الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) }... (سورةالأنفال:24)، وقال تعالى:{ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) }... (سورة النساء:66) ، فمهما أطاع العبد ربه والتزم أوامره،وانتهى عما نهى عنه كان قوياً في مواجهة الفتن، ومهما كان مفرطاً في إتباع الشرع،مقبلاً على المعاصي كان ضعيفاً أمام الفتن، قال بعضهم: رأيت الذنوب تميتالقلوب وقد يورث الذل إدمانها وترك الذنوب حياةالقلوب وخير لنفسك عصيانها
4ـ كثرة ذكر الله عز وجل:
فالله جل وعلا يقول:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً *وَسَبِّحُوهُبُكْرَةً وَأَصِيلاً *هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُلِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَرَحِيماً}... (سورة الأحزاب:41ـ 43)، وقال الله عز وجل:{ألا بذكر الله تطمئنالقلوب} ألم تر أيها الحبيب أن الله عز وجل لما أرسل موسى وهارون إلى فرعون أوصاهمابالإكثار من ذكره سبحانه، فقال:{ولا تنيا في ذكري}، وأمرالله المؤمنين عند ملاقاةالكفار بأن يكثروا من ذكره فقال:{يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتواواذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون}، فكثرة الذكر تقوي القلب والبدن، فيستعان بالذكرفي مواجهة الفتن والابتلاءات وعند ملاقاة الأعداء. 5ـ القرب من العلماء العاملين فإن العلماء هم ورثةالأنبياء الذين يأخذون بأيدي أتباعهم إلى الله، قال أنس رضي الله عنه:وما نفضنا عن النبي صلى الله عليه وسلم الأيدي حتى أنكرناقلوبنا.كيف لا وقد قال الله عز وجل في حق رسوله مع أمته:{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُعَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوعَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَوَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}(سورة آل عمران:164) قال الشيخ سعيد حوى رحمه الله معلقاً على مقولة أنس رضي الله عنه: في الحديث ما يدل على أن الرقي القلبي منوط بالاجتماع مع أهل الحق، والارتباطالروحي بهم، ومن هنا نؤكد على الانتساب للعلماء العاملين، والربانيين المخلصين.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله واصفاً شيخه ابن تيمية رحمه الله:وكنا إذااشتد بنا الخوف وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض أتيناه، فما هو إلا أن نراه ونسمعكلامه فيذهب ذلك كله وينقلب انشراحاً وقوة ويقينا وطمأنينة. نسأل الله الكريم أن يثبت قلوبنا على دينه.وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلم أجمعين.
| |
|