خطبة جمعة مقترحة
الجمعة الثاني عشر جمادى الأولى الموافق للخامس عشر من أبريل
قواعد ذهبية من قواعد الدعوة الربانية
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنه قال : قال رسُولُ اللهِ e لمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ : « إِنَّكَ ستَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أن يشَهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّه وَأَنَّ محمدًا رَسُولُ اللَّهِ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ بِذلك فأخْبِرْهُم أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ بِذلك فأخْبِرْهُم أَنَّ اللَّهَ قَدِ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُردَّ على فُقَرَائِهِمْ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّه لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ »([1]).
هذه وصيَّةٌ عظيمةٌ من الدَّاعيةِ الأوَّلِ محمَّدٍ رسولِ الله e لكل الدُّعاةِ من بعده. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنه قال : ” قال رسُولُ اللهِ e لمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ “ : أي داعيًا ومعلّمًا ، ومبلّغا ومفقّها وحاكما ، وهذا يدل على ضرورةِ إرسال العلماء وإيفاد الدُّعاة إلى دُوَلِ الكفْر ليدعوهم إلى الإسلام، ويرغّبوهم في دين الله، ويعبّدوهم لله عزوجل.
فلما بعث النبيُّ e معاذًا وصْاه وصيّة ينتفع بها في دعوته ومواجهة المدعوِّين، مما يدلُّ على ضرورة تعليم البِعْثاتِ التي تُبعث إلى سائر الدول، وتفقيههم حتى يكونوا دُعاةَ خيْرٍ ورُسُلَ هدى، وإلاَّ فإنَّ العاملَ بغير علم كالسّالك على غير طريق ، والعاملَ بغير علم يضرّ ولا ينفع ، ويُفْسِدُ ولايُصْلح ، وفَاقِدُ الشيء لايعطيه .
قال e لمعاذ : « إِنَّكَ ستَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ » ، فهو e يبصّره بحال المدعوِّين ، ويُوقِفُه على طبيعتهم حتى يستعدّ للمواجهة ، ويتأهَّل للدَّعوة ، ويُعِدَّ العدّةَ اللازمةَ لمخاطبة هؤلاء الناس ، لأنَّهم أهْلُ علم ، ومخاطبتُهم تختلف عن مخاطبةِ غيْرهم من الأُميِّين .
وإنما خصّ النبيَّ e أهلَ الكتاب بالذِّكر مع أنَّ باليمن غيرَهم ، لأنهم كانوا أكثرَ من مشركي العرب ، وليتأهَّب معاذٌ لمناظرتهم ومجادلتهم بالَّتي هي أحسن، كما قال تعالى : ]ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [[النحل:125] ، وقال تعالى : ] وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [[العنكبوت:46] .
ثم أرشده e إلى ما ينبغي أن يبدأَ به دعْوتَه فقال : « فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أن يشَهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّه وَأَنَّ محمدًا رَسُولُ اللَّهِ » وصرّح في رواية أخرى بالأوّليّة فقال : « فليكن أوّلَ مَاتَدْعُوهُمْ إِلَيه شهادةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّه ، وَأَنَّ محمدًا رَسُولُ اللَّهِ » ، فتلك البداية التي بدأ بها كلُّ الدُّعاةِ من الأنبياء والرسل دعوتَهم ، قال تعالى : ] لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [[الأعراف:59] ، وقال تعالى : ] وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [[الأعراف:65] ، وقال تعالى : ] وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [[الأعراف:73]، وقال تعالى : ] وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَالَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [[الأعراف:85] ، ولقد لَبِثَ نبيّنُا محمَّدٌ e عشْرَ سنين يدعو قومه إلى هذه الكلمةِ لا إله إلا الله ، لأنَّها أوَّلُ واجبٍ على المكلَّف ، وأوَّلُ مايدخل به في الإسلام .
ولم يكن هذا الاتفاقُ على هذه البداية من الرُّسلِ أجمعين عن اجتهاد ونظر، وإنَّما كان عن وحْي يُوحي ، فهي إذَنْ شَرْعُ الله ومنْهَجُه الذي رسمه لأنبيائه ، ولاشكَّ أنَّ الدُّعاة إلى الله هم أتباع الأنبياء ، وأنه يجب عليهم اتباعُ منْهَجهم، وسلوكُ طريقتهم ، ولاسيَّما وقد وصّى رسولُ الله e جميعَ الدُّعاة في شخص معاذٍ بهذه الوصية: « فَلْيَكُنْ أوّل مَاتَدْعُوهُمْ إِلَيه شَهادَةَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّه، وَأَنَّ محمدًا رَسُولُ اللَّهِ » ، فإنَّ هذه الشهادةَ كالأساسِ وما بعدها كالبناء، ولايُمكن رفْعُ البناء دونَ أساس ، والتَّأسيسُ هو المشْكلة الكبرى ، متى فُرِغَ منه سَهُلَ مابعده ، حتى في البناء الحسّى ، يقولون لكلِّ من أراد بناءَ بيْتٍ : إذا طلعتَ من الأرض انتهيت ، يعني إذا فرغْتَ من الأساس فقد انتهى البناء ، باعتبار أنَّ العقبَة الكؤودَ في البناء هي الأساس .
وهذا ماحدث من رسولِ الله e ومعه ، انشغل e مدَّةَ ثلاثَ عشْرَةَ سنةً في تأسيس العقيدة في نفوس هذه العُصْبَةِ القليلة التي آمنت معه، وترسيخ الإيمان بالله واليوم الآخر في قلوبهم، وتعميقِ فِكْرَةِ الحساب والجزاء في نفوسهم.
وظلّ هذه المدَّةَ الطويلةَ يُجاهد في سبيل ذلك جهادًا كبيرًا كما أمره ربُّه سبحانه، حتى إذا هانَتْ عليهم أنفسُهم وأموالُهم ، بل هانت عليهم الدُّنيا كلُّها، وعاشوا للآخرة وحدها ، هاجروا إلى المدينة تاركين ديارَهم وأموالَهم ، فنزل الحلالُ والحرام ، وفُرضَتِ الفرائض ، فلم يجد النبيُّ e في دعوتهم إلى الالتزام بها أيّةَ مشقَّة ، ذلك أنه كان قد أسّس الأُسسَ وقعّد القواعد ، وأرسى في القلوب معنى الألوهيَّة والعبودية ، وأن الإلهَ له الأمر ، وعلى العبد السَّمْعَ والطَّاعةُ والتَّسليم والرِّضا ، ولذلك كانوا إذا نزَل الأمرُ قالوا سمِعْنا وأطعْنا غُفْرانَك ربَّنا ، وإذا نزل النَّهْيُ قالوا انْتَهْينَا ربّنا .
ولذلك قالتْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا : كان أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنَ آياتٌ مِنَ الْمُفَصَّلِ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الإِسْلاَمِ نَزَلَ الْحَلاَلُ وَالْحَرَامُ ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ لاَ تَزْنُوا ، لَقَالُوا لاَ نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ لاَ تَشْرَبُوا الْخَمْرَ ، لَقَالُوا لا نَدَعُ الْخَمْرَ أَبَدًا([2]).
ويقول جُندبُ بنُ عبْدِ الله البَجِليُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : تَعلَّمْنَا الإيمانَ ثُمَّ تَعلَّمْنَا القُرْآنَ فازْدَدْنَا إيمانًا([3]).
ويقول عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : لَقَدْ عِشْنَا بُرْهَةً مِنَ الدَّهْرِ وإنَّ أَحَدنا يُؤْتَي الإيمانَ قَبْلَ القُرْآنَ ، وتَنْزِلُ السُّورَةُ فَنتعلَّمُ حلاَلَها وحَرامَها ، وزَواجِرَها وأوامِرَها ، وما يجبُ أن نَقِفَ عِنْدَه منْها([4]).
وما لبث المسلمون في المدينة إلا فترةً قليلةً حتى جمع اللهُ بيْنَهم وبيْنَ قُرَيْشٍ على غير ميعاد سابق ، ومكّن لهم من عدوِّهم ، وأظهرهم عليهم ، فكان هذا النَّصْرُ حركةَ تحوُّلٍ كبير في نظر المجتمع الدوليّ إلى هذه الدَّوْلَةِ المسلمة . وتتابعت اللقاءاتُ وتوالى النَّصر ، حتى دخل رسولُ الله e مكَّةَ فاتحًا بعد ثمانِ سنينَ من هجْرتِه منها .
وما كان شيءُ من ذلك كلِّه ليتمَّ إلا بسبب هذه البدايةِ المباركة ، بدايةِ الدَّعْوَةِ بالتَّوحيد ، ورَفْعِ الدَّعْوَةِ رايةً واحدةً هي رايةُ التَّوحيد .
ولقد تمّ هذا كلّه لأنَّ الذين أقاموا هذا الدِّينَ في صورةِ دوْلَةٍ ونظام ، وشرائعَ وأحكام ، كانوا قد أقاموا هذا الدِّينَ مِنْ قَبْلُ في ضمائرهم وحياتِهم في صورةِ عقيدةٍ وخُلق ، وعبادةٍ وسلُوك . فلمَّا أن ابتُلوا فصَبرُوا ، ولمَّا أن فرغت نفوسهم ، من حظِّ نفوسهم ، ولمَّا عَلِمَ اللهُ أنهم لا ينتظرون جزاءً في هذه الأرض كائنًا ما كان هذا الجزاء ، ولو كان هو انتصارَ هذه الدَّعْوةِ على أيديهم، وقيامَ هذا الدِّين في الأرض بجهودهم ، ولمَّا لم يَعُدْ في نفوسهم اعتزازٌ بجنسٍ ولاقوْمٍ ولا اعتزازٌ بوطنٍ ولا أرْض ، ولا اعتزازٌ بعشيرةٍ ولا نسب . ولمَّا عَلِمَ اللهُ منهم ذلك كلَّه مكّن لهم في الأرض ، وأقام لهم دولةً ، ومن هنا جاءت هذه الكلمة الحكيمة : أقيمُوا دَوْلَةَ الإسلامِ في نُفوسِكم تَقُمْ علَى أرْضِكُم .
فعلى جميع العاملين في حَقْلِ الدَّعْوةِ الإسلاميَّةِ أن يعوا هذه الحقيقةَ وأن يعلموا أنَّهم حين يدْعُونَ النَّاس لإعادة إنشاء هذا الدِّين يجب أن يدْعُوَهم أوّلاً إلى اعتناق العقيدة ، ولتكن هذه العقيدةُ هي أساسَ دعْوَةِ الناس إلى الإسلام ، كما كانت هي أساسَ دعْوَتِهم إلى الإسلام أوّل مرّة .
يجب أن يعرفَ الدُّعاةُ جيِّدًا ، ويجب أن يعلموا أنه : كما أنَّ هذا الدّين دينٌ ربّانيّ فإنَّ منْهجَهُ في العمل منْهَجٌ ربّانيّ كذلك ، وأنه لايمكنُ فَصْلُ حقيقةِ هذا الدين عن منْهَجهِ في العمل([5]).
« فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ بِذلك فأخْبِرْهُم أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ » :
إنما بدأ e بالشهادتين لأنهما كما ذكرنا أوّلُ واجبٍ على المكلَّف ، وبهما يدخل في الإسلام ، وثنّى بالصلاة لأنّها أوَّلُ ما فُرِض من العبادات ، وهي التي تدلّ على حقيقة إسلام المرء، ولذا قال e : « الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» ([6]). فمن شَهِدَ أن لا إلَه إلا الله ، وأنَّ محمَّدًا رسولُ الله ، فقد وجب عليه أن يُقِيمَ الصَّلاة ، فالشهادتانِ بالنِّسْبَةِ للدين كالأساس ، والصَّلاةُ بالنسبة له كالعمودِ الأساسيِّ الذي يُقَامُ عليه البناء ، ولذا قال e : « رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ »([7])، فحافظوا على الصلاة يا عباد الله ، كما أمركم الله ، ] حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [[البقرة:238].
« فَإِنْ هُمْ أَطَاعُو لَكَ بِذلك فأخْبِرْهُم أَنَّ اللَّهَ قَدِ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُردَّ على فُقَرَائِهِمْ » :
وهكذا ثلّث بالزكاة لأنها قرينةُ الصلاة ، وقد ذُكرتْ معها في القرآن في أكثرَ من ثمانينَ موْضعًا ، ولأنَّ الصَّلاةَ أعظم حُقوق الله ، والزَّكاةَ أعظمُ حقوقِ العباد ، فمن أقام الصَّلاة فقد أحسن فيما بيْنه وبيْن الله ، ومن أدَّى الزَّكاةَ فقد أحسن فيما بينه وبين الناس ، ] وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [[آل عمران :134] .
قال تعالى : ] الم(1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ(2) هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ(3) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ(4) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ [[لقمان :1-5] .
والرَّاجح في الضمير في قوله : « أَغْنِيَائِهِمْ ، فُقَرَائِهِمْ » أنه عائدٌ على المسلمين ، لا على أهل هذا البلد خاصة ، وعليه فإنه يجوز نَقْلُ الزَّكاةِ من بلدٍ لآخر .
ثم أرشد النبي e معاذًا إلى ما ينبغي اجتنابُه من أموالِ القوْمِ فقال له : « فَإِنْ هُمْ أَطَاعُو لكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ » :
وهي أنْفَسُ الأمْوال وأحْسَنُها وأحبَّها إلى أهلها ، فليس للعاملينَ على الزَّكاة أن يأخذوا أحسنَ ما عند أصحاب الأموال ، كما أنَّه ليس لأصحابِ الأمْوال أن يدْفَعُوا أرْدأَ ما عندهم ، وإنما خيْرُ الأمور أوْسَطُها .
ثم حذّره من عدم الامتثال لما نهاه عنه فقال : « وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّه لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ » :
يعني إيَّاك والظُّلْمَ ، فيدعو عليك المظلومُ فينتصرُ اللهُ له، ويأخذُ حقَّه منك، فإنَّ دعوةَ المظلوم تُرْفَعُ إلى السماء فتُفَتَّحُ لها أبوابُها ، ولا يَحْجِبُها عن الله حاجب ، فيقول لها : وعزَّتي وجلالي لأنصرنَّك ولو بعْدَ حين .
وبعـد :
فهذه قواعدُ ذهبيَّةٌ من قواعد الدَّعوة الربّانية ، يجب على كل العاملين في مجال الدعوة أن يتعلَّموها ويلْتزِموا بها، فإنَّ الالتزام بها هو سبيلُ نجاح الدُّعاة.
ووصول الدعوة إلى قلوب المدعوين، والحذر كل الحذر من الإكثار على الناس فى الحلال والحرام ولما يدخل الإيمان فى قلوبهم ، فإن ذلك من أكبر المنفِّرات التى تنفّر الناس من الداعية والدعوة.
ولابدّ فى الدعوة من هذا التسلسل الذهبي : الأهم فالمهم ، والعقيدة أوّلا ، ثم الصلاة ، ثم الزكاة ، وهكذا حتى يدخل الناس فى دين الله أفواجاً .
&&&&&
لتحميل الخطبة بصيغة ورد
http://www.alminbr-al3elmy.com/media_team/suggested_speech/kawa3wd.doc